pregnancy

الأب العاجز - قصة قصيرة

الأب العاجز - قصة قصيرة  طارق عميرة
 
يقول الأب :
يَا رَبُّ، تَجْعَلُ لَنَا سَلاَمًا لأَنَّكَ كُلَّ أَعْمَالِنَا صَنَعْتَهَا لَنَا.
يَا رَبُّ، تَجْعَلُ لَنَا سَلاَمًا لأَنَّكَ كُلَّ أَعْمَالِنَا صَنَعْتَهَا لَنَا.

كررّها مرارًا حتى جرَى بها لسانُه بينمَا غامَ عقلُه وهو يفكّر في ما حوله ’ قبل أن ينتفض لمقام الرب ويرتل بصوتٍ خفيض .

ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا، لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ.

تدمع عيناه و يضيقُ ما حوله وهو يتذكّر السخط والغضب والتساؤلات في عيون وكلمات المصلّين , لا يكَاد أحدهم يشعر براحةٍ أو إطمئنَان , بل إنه يرَى الغضب و الخنوع المفضِي إلى الجنون , لم يعد يرى تلك الراحة في وجوههِم .
الناس في طريقهم للثورَة ضدّه هو وكل من يقفون في وجِه العنف الذي يوجَد له ألف مبرّر , هذا الأسبوع اختطفت الفتاة السابعة من رعايا الكنيسة و ربما السبعون منذ بدأ الأمر بالبلدة , وجميع من ذهبن لا يظهرن ..
لا يكاد يمرّ يومٍ دون أن تخطف امرأة أو فتاة لا يسمع أحد عنهَا أي شيء , والقانون الآن بيد من يرونهم رجالاً يستحقون الاستعباد من باب هبة الحيَاة إن لم يكن الموت ونساءًا تستحق المعاشرَة ليل نهَار !
تنتابهُ سنة ضحكٍ عندما يتذكّر تذمر مواطنيهم من الرئيس السابق اللذي كان يميز بينهم , الآن أتى من يراهم كفرة صليبيين , من يزعمُون أنهم يعرفون الربّ وأن نبيهم آخر الأنبياء وأنهم أتباع دين الرحمة والعالمين ثم ينشرون الجريمة ويستحلون الاختطاف والاغتصاب والتعذيب والسحل والدهس والتحرش ويعتبرونهم فئة ضالة لا تفتأ عن مناوئة حكمهم الإسلامي المزعوم..

هو لا يعرف ماذا يفعل للشباب الذي يضربهمُ زملاءهم المسلمون في أعمالهم .
هو لا يعرف ماذا يفعل للفتيات اللاتي يشتكين له يوميًا من العبث بأجسادهن قهرًا في الشوارع.
هو لا يعرف ماذا يفعل للأطفال اللذين يخبرهم زملاءهم في الصف أنهم كفرة ويبصقون عليهم أو يحتفلون بضربهم .
هو لا يعرف ماذا يفعل لأسر الفتيات المختطفات والرجال اللذين جار عليهم الظالمون .
لم يعد يعرف ولم يعد هناك من يحميِه أو يلزم أحدًا بحمايته , بل صارت نيران الكراهية تُصبّ على كل أتبَاع المسيح كما يصب الشلال في أسفل نهر .
يدير بصره للخلف فيقع على الزجاج المحطّم , كاد المسلمون يحرقون الكنيسة منذ أيّام وفي النهاية ينظر للأفق ويشعر بلسعةٍ من شماتة خفيّة .
لقد هاجر المهندس رؤوف وأغلق مكتبه الذي يعمل به مسلمون , كذلك فعل جورج مع محلات الذهب والمصانع التي يمتلكها , لقد هاجرت كريستين و شقيقها روماني , صحيح أن هذا بعد أن اغتصبها المسلمون لكنهم خسروا أفضل معلميّنِ في مدرستهم التي يبطش استاذتها بأموال التلاميذ , صبحي أيضًا كان معهم وكان الوحيد الذي لا يرتشي في عمله بالشهر العقاري .
ينفض هذه الخواطِر وهو يتعجّب كيف يفكر بهذه الطريقَة , يئدهَا معنفًا عقله , هناك مسلمون كثيرون جيدون .
يزداد بكاؤه مع شعور عجزه , وتفكيرِه الذي أشعرهُ بالإثم , يبرّر لنفسه

هو لا يعرف ماذا يفعل للشباب الذي يضربهمُ زملاءهم المسلمون في أعمالهم .
هو لا يعرف ماذا يفعل للفتيات اللاتي يشتكين له يوميًا من العبث بأجسادهن قهرًا في الشوارع.
هو لا يعرف ماذا يفعل للأطفال اللذين يخبرهم زملاءهم في الصف أنهم كفرة ويبصقون عليهم أو يحتفلون بضربهم .
هو لا يعرف ماذا يفعل لأسر الفتيات المختطفات والرجال اللذين جار عليهم الظالمون .

يردد كثيرًا في سرّه :
سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ

2012
شكرا لتعليقك